كم معك من القرآن ؟
جعل الله لكل شيئ سببا وجرت المقادير بحكمته وعلمه وعدله ...
فتاة شابة تخرجت حديثا من الجامعة وسمت همتها إلى إتمام دراستها العليا ..
أتى موسم الحج فهفت بنفسها إلى بيت الله الحرام وتاق قلبها إلى المشاعر المقدسة..
ولقد كان هذا السفر بداية تحول في حياتها وأيامها ..
إنها كلمة سمعتها من امرأة كبيرة في السن في مخيم الحج
حين ألقت إليها نظرة وسألتها بكلمة بسيطة لها ألف معنى : كم معك من القرآن ؟
دهشت الشابة من السؤال فهذه هي المرة الأولى التي تسأل عن هذا الأمر ؟!
واحتارت في الجواب .. وغلبها الحياء مع امرأة كبيرة في السن ..
لكنها صدقت في الجواب وقالت : معي ثلاثة أجزاء ....
ألقت المرأة العجوز نظرات شفقة على ابنة الإسلام ..
فقالت لها في تعجب : كم سنة لك وأنت تدرسين ؟
فجاء الجواب بلا تردد : ستة عشر عاما !!
تنهدت العجوز وهي ترى أن عمر الفتاة ضاع سدى ..
لكن كلمتها بقيت تصول وتجول في فكر وعقل الفتاة ..
فاتجهت إلى كتاب ربها وبدأت تحفظ فيه بجد ومثابرة حتى حفظته في ثلاث سنوات ..
وقالت : الآن الحمد لله أشعر أنني درست وتعلمت واستفدت ...
ويكفي فخرا أن أحمل كتاب ربي في صدري ..
.. انتهى ..
ما إن قرأت هذه القصة إلا وحزنت لما ورد فيها من سؤال وجيه ..
أوجهه مرة أخرى لي ولكل مسلم ومسلمة ... كم معك من القرآن ؟
هو سؤال بسيط .. ولكنه يحمل ألف معنى و معنى ..
سؤال قادر على أن يجعلك تقف مع نفسك وقفة مصارحة
تعيد فيها حساباتك وتطلع فيها على رصيد أعمالك ...
ولكن الأهم من ذلك أن تخرج بقرار حاسم ..
قرار حفظ القرآن كاملا وبذلك نتقدم خطوة جديدة في طريق التقرب إلى الله ..
ويكفينا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب ))
أخرجه الترمذي .
وفي حمل كتاب الله عز وجل بشارة عظيمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( لو جمع القرآن في إهاب ما أحرقه الله في النار )) الله أكبر
*وينادى صاحب القرآن بأجمل مناداه وأعظمها وأحبها للنفس ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل القرآن
كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها )) ..
أفلا تطمع في الوصول إلى أعلى درجات الجنة !!
ولكل أخ وأخت أسوق قول خباب الأرت :
تقرب إلى الله ما استطعت و اعلم أنك لن تتقرب إليه بشيء
أحب إليه من كلامه ..
وقال ابن مسعود : من أحب القرآن أحبه الله ورسوله .
** وليهنأ صاحب القرآن بالأجر العظيم والثواب الجزيل ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها ..
لا أقول *الم* حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ))
رواه الترمذي
ولمن سعى في تعليم أبنائه القرآن فليسعد يوم القيامة ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به
ألبس يوم القيامة تاجا من نور ضوءه
مثل ضوء الشمس ويكسى والديه حلتين لا يقوم بهما الدنيا ..
فيقولان بم كسينا ؟ فيقال : بأخذ ولدكما القرآن )) ..
حديث صحيح على شرط مسلم .
فليكن حفظ القرآن منتهى أمل كل مسلم ومسلمة ..
خاصة مع انتشار حلق التحفيظ وأشرطة القرآن الكريم وتعدد إذاعات القرآن ..
لم يبق عذر لهمة ضعيفة أو حجة قديمة ..
فليستعن بالله من أراد الآخرة وأراد أن يرتقي في درجات الجنة ...
جعلنا وإياكم من أهليها ممن يتبؤون من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار
منقوووول